هو مذهب أدبي فكري .. أساسه المادية ..
تاريخه :
و قد ظهر في النصف الأول من القرن التاسع عشر و ما بعده .
و يرتبط ظهور هذا المذهب بانتشار الفلسفات : الوضعية و التجريبية و المادية الجدلية (عقيدة الشيوعية ) في أوربا..
و من ثم بدأ تأثير هذه الفلسفات بالتحول إلى الفنون و الآداب ..
أسسه و أفكاره :
و من أظهر أفكار هذا المذهب الإلحاد وإنكار الغيب .
و تصوير الإنسان كائناً حيوانياً .. خالي العقل تسيِّره غرائزه .. !
و يتميز عن الكلاسيكية و الرومانسية أن أدباءه قد اتجهوا إلى تصوير حياة الطبقة الدنيا من المجتمع و لفت الأنظار إليها و مناقشة متاعبها و مشكلاتها ..
و عبر هذه الدراسات و النصوص و الأعمال الأدبية تكَوَّن هذا المذهب الأدبي المسمى بالواقعي .
أنواع المذهب الواقعي :
و ينقسم هذا المذهب إلى عدة واقعيات تشعبت بسبب اختلافها في بعض المبادئ الثانوية إلا أنها تتفق في الأساسيات ..
و من أهم هذه الواقعيات : الواقعية الانتقادية , الواقعية الطبيعية , الواقعية الاشتراكية :
-------
الواقعية الانتقادية :
تتميز بأن مدارها قائم على فكر التشاؤم ..
فهي تعالج مشكلات المجتمع و قضاياه .. و لكنها تركز بشكل كبيرة على جوانب الشر و الفساد فيه و تقوم بانتقاده و إظهار عيوبه و تسليط الضوء عليها ..
و التشاؤم فيها عنصر يعد من أصول الحياة ..
و القصة هي مجال الواقعية الانتقادية الأكبر و تليها بعد ذلك المسرحية ..
و من أشهر قصاصيها الأديب الفرنسي ( بلزاك ) صاحب الرواية المشهورة ( الملهاة الإنسانية ) ..
و( شارلز ديكنز , تولستوي ,و إرنست همنغواي ) .
----
الواقعية الطبيعية :
تتفق مع الواقعية الانتقادية في جميع مبادئها بل و تزيد عليها في تأثرها الكبير بالنظريات العلمية و تدعو بشدة إلى تطبيقها في مجال العمل الأدبي .
و تقوم أيضاً على أن الإنسان حيوان تتحكم به غرائزه تماماً ..
و بسبب الجنوح الشديد إلى العلمية فيها ؛ فإن كل شيء في الإنسان يمكن تحليله .. فسلوكه و فكره و مشاعره ترجع إلى إفرازات غددية . !
من أعلام هذه الواقعية الطبيعية :
الأديب الفرنسي( أميل زولا ) و هو رائد هذه الواقعية .. و له قصة شهيرة ( الحيوان البشري ) ضمن فيها مبادئ واقعيته , و كذلك طبق نظريات ( دارون ) في التطور , و( مندل ) في الوراثة , و ( كلودبرنارد ) في الطب .
و من كتابها ( فلوبير) صاحب قصة ( مدام بوفاري ) .
---
* الواقعية الاشتراكية :
المذهب الأدبي الرسمي المعتبر في دول الشيوعية روسيا و الصين ..
يتميز بأنه تجسيد للرؤية الماركسية للأدب .. و تقوم على مبادئ الفلسفة المادية الجدلية ..
بعض أفكارها :
أن النشاط الاقتصادي في نشأته و تطوره هو أساس الإبداع الفني . . و لذلك فيجب توظيف الأدب في خدمة المجتمع ..
و بحكم صفة الاشتراكية في هذا المذهب فلابد أن يكون مدار العمل الأدبي فيه قائماً على تصوير الصراع الطبقي .. بين طبقة العمال و الفلاحين و طبقة الرأسماليين و البرجوازيين .. و يجعل الثانية مصدر الشرور في الحياة .. فيدينهما و يكشف عيوبهما .. , و ينتصر للفلاحين و العمال و يظهر جوانب الخير و الإبداع فيهم ..
و تقوم هذه الواقعية أيضاً على الإلحاد و إنكار الديانات و العقائد السماوية ..
و الأديب الروسي ( مكسيم جوركي)أول من استخدم اصطلاح الواقعية الاشتراكية في كتاباته ..
ميدان هذا المذهب:
القصة .. ثم المسرحية , ثم دخلت أخيراً إلى الشعر ..و بعده إلى كل الأجناس الأدبية ..
من أشهر أدباء الواقعية الاشتراكية : ( مكسيم جوركي , حمزانوف , شولخوف , جورج لوكاش ) و روجيه جارودي قبل إسلامه ..
الواقعية برؤية إسلامية :
الإسلام دين يحث على الاهتمام بالمجتمع و البحث عن ما يصلحه و يعود عليه بالنفع ..
و من ذلك مناقشة القضايا الهامة و إيجاد الحلول لها , و النظر إلى حال الأمة و وصف و رصد ما يعتريها من تغيرات ..
و هذا هو الأدب الصحيح الذي حادت عنه الواقعية حينما استمدت فكرتها من الوثنية و الفلسفات البشرية المنحرفة .
و القدر في الواقعية أساس الشر و محوره .. و الحياة لديها سوداوية اللون حالكة الظلام .. و التشاؤم يسيطر على فكرتها تماما ..
تسليط الضوء على نقاط السوء و العيب في المجتمع , و التهييج لتغييره و الثورة ضد كل ما يعرقل تبديله ..
إلا أنها لا تقدم بديلاً .. كما أنها تقوم دون منهج واضح صحيح ..
و دون تخطيط أو تنظيم ..
الإنسان في نظر الواقعية حيوان غرائزي .. ليس للجانب الروحي فيه مكان .. بل تسيطر عليه غرائزه و تتحكم في أفعاله ..
و لكن الإسلام يصور الإنسان جسداً و روحا .. و لكل منهما حقه و ميزته و حاجاته ..
أخيراً :
نستطيع إيجاز كل ما سبق عن المذهب الأدبي الواقعي .. في أنه قد تشرب بالنظرية الفلسفية التي تقول : ( إن الحياة قد بنيت على الشر ) .
و الحمدلله أولاً و آخرا ..
انتهى .
_____